خطاطون يبدعون في نقش الأسماء بلغة الضاد في أزقة أصيلة
هسبريس - محمد الراجي
الأربعاء 20 يوليوز 2016 - 12:00
يصطفُّ عدد من الخطاطين في مدخل المدينة القديمة لأصيلة، يجلسون إلى طاولات صغيرة عليها أقلام قصبٍ ومحابر وأوراقٌ أو قطع خشب مستطيلة، وأخرى على شكل قلوب، ينقشون عليها أسماء مَنْ طلبَ ذلك من العابرين، مقابل عشرة أو عشرين درهما.
عزيز عويا، واحد من الخطاطين الذين دأبوا على الحلول بمدينة أصيلة موازاة مع موسمها الثقافي الدولي، وبالنسبة إليه فأصيلة تفتح له باب اللقاء بزبناء جدد، سواء المغاربة أو الأجانب، فضلا عن كونها "مدينة ثقافية وجميلة ومُلهمة تساعد على الإبداع".
ينقش عزيز الأسماء على قطع خشبية باللغة العربية، وبدأت علاقته بالخطّ العربي منذ نعومة أظافره حين كانَ تلميذا في المستوى الابتدائي؛ حيث لقي تحفيزا من طرف أحد أساتذته، وامتدّت العلاقة إلى اليوم؛ إذ يتّخذ من فن الخطاطة مهنة له، ويتوفر على ورشة بمدينة طنجة.
يتأسّف عزيز لغياب التقعيد للخطّ المغربي الأصيل، فقد كان يتمنّى أن يتخصّص في هذا الخط، "ولكن وجدت أنه ليس فيه تقعيد، فكل خطاط يكتب بطريقته، وظلت الأفكار مشتتة، لذلك أعود إلى الخطوط المشرقية التي لها قواعدُ مدروسة"، يقول المتحدث.
ويردف متسائلا: "لا أعرف لماذا لا يتم تعقيد الخطّ المغربي الأصيل، ووضع كراسة خاصة به، على غرار الخطّ المشرقي والخطّ الفارسي، خاصة وأن هناك خطاطين مغاربة في المستوى يفوزون بجوائز عالمية"، لافتا إلى أنّه يطمح إلى تحقيق هذا المبتغى، وذلك بتأليف كتاب يقعّد فيه للخط المغربي.
ويُلاحظُ وجود إقبالٍ ملحوظ، سواء من طرف المغاربة أو الأجانب الزائرين لمدينة أصيلة، على نقش أسمائهم باللغة العربية. ويقول الخطاط محمد موعلا إنَّ تصوّر المغاربة لفن الخطّ وغيره من الفنون التشكيلية بدأ يتغير، "فقد كان الاعتقاد السائد هو أنّ الفنّ مجرد هواية، والآن أصبحوا يدركون أنّه عمل رئيسي لكثير من المبدعين".
ويورد محمد حكايته مع الريشة والصباغة، ويتذكر كيف كانتْ أمّه تعارض أنْ يمضي في درب عشق الفنّ، فيما كان هو يفعل المستحيل ليصير فنانا تشكيليا، فكان يكسر الطباشير ليصنع منها الصباغة في ظل غياب الإمكانيات، والآن، يقول المتحدث: "تفتخر بي أمّي أمام الناس، وتفتخر بعملي كفنان".
يقصد محمد مدينة أصيلة في فصل الصيف، ويتّخذُ منعطفَ زقاق في مدخل المدينة العتيقة مكانا لـ"ورشته" المتنقلة، وإذا كانَ الغرض الأساس بالنسبة إليه هو البحث عن مورد رزق من خلال نقش الأسماء بالخط العربي، فثمّة هدف أسمى، وهو التعرف على أشخاص آخرين وعلى ثقافات جديدة.
حينَ كان يتحدث إلينا محمد، كانَ يجلس إلى جانبه مواطن إسباني يُدعى ألبير، يُقيم في المغرب منذ عامين ونصف. ألبير الذي يتحدث الدارجة المغربية بيُسر، أٌعجب بإبداع محمد، وبخلاف باقي الناس، الذين يطلبون نقش أسمائهم، طلبَ ألبير من محمد نقشَ عبارة "ماشي شْغلك" (ماشي شُوغْلَك بتعبير أهل الشمال).
أمّا عن سبب خطّ هذه العبارة، التي قد تبدو "غريبة"، فيقول ألبير، إنّه يتضايقُ من رغبة المغاربة في معرفة الأمور الشخصية عن الإنسان، "المغاربة كايبغيو يعرفو كلشي في دقيقة، فين خدام، اشنو كاتدير فحياتَك... كلشي كلشي..."، يقول ألبير، لذلك طلب من محمد أن ينقش له عبارة "ماشي شغلك" على لوحٍ بخطّ عربي للتعبير عن تضايقه من "فضول المغاربة".