التسويق الشبكي يجذب اللاهثين وراء "الربح السريع" بالمغرب

امتلاك ثروة مالية كبيرة يعتبر حلما يراود غالبية البشر، غير أن هذا المبتغى قد يعمي بصيرة البعض ويجعلهم ضحية سهلة لعمليات نصب واحتيال، والتسويق الشبكي أو "الهرمي" هو نوع جديد من الاستثمار الخفي الإلكتروني الذي يقوم على تسويق منتجات أو خدمات وبيعها بشكل تواصلي.
يقوم المستثمر الجديد بالمساهمة في رأسمال الشركة بمبلغ معين، فيما تبقى قيمة مبلغ الاستثمار مفتوحة. وإلى جانب ذلك، يعمد الوافد الجديد إلى استقطاب ودعوة مساهمين آخرين لدخول ميدان التسويق الشبكي مقابل عمولة له ولمن سبقوه إلى المجال، وذلك بنسبة استفادة مختلفة. كما يحصل المستخدم على نسبة في حالة قيام عملائه بجلب مستثمرين ينضمون للسلسلة التجارية؛ بحيث يصبح من أعلى قمة الهرم ولديه شبكة من الزبائن المشتركين بأسفله، أو عملاء قام بالشراء عن طريقهم...
سارة الغزواني قالت إن دخولها مجال التسويق الشبكي كان بغرض الإسراع في ترتيبات الولوج وما يتطلبه ذلك من مصاريف، وأضافت أن هواجس جمة تقض مضجعها بعيد ولوجها "بورصة التسويق الهرمي"، واضعة هاجس إغلاق الشركة لأبوابها وهجرة أصحابها في مقدمة العراقيل، وزادت: "ليس هناك تجارة أو استثمار دون مخاطر، فالمجازفة جزء من العمل، والفشل والربح موجودان".
من جانبه قال بدر سليكة، موظف بشركة مالية، إن مبدأ التسويق الشبكي يقوم على نظرية "أسلوب بونزي"، وهو أول شخص قام بالاستثمار في هذا النوع من التعامل المالي خلال بدايات القرن العشرين. وعزا بدر دخوله إلى هذا النوع من المعاملات التجارية بتفادي قرض بنكي ربوي، وبأنه فرصة لاستثمار قدر من المال لشراء سيارة "حلال".
الإطار المالي الملم بشؤون المال والأعمال قال إن مبدأ حياته، والذي درس أبجدياته قبل التتويج بدبلوم الهندسة المالية، يقوم على ارتباط الخطر بالربح بشكل وطيد؛ فكلما كان هاجس الخسارة كبيرا كان الربح أكبر، وفق تعبيره.
المهندس الشاب، وهو حديث العهد بالتسويق الشبكي، قال إنه تمكن من استرجاع نصف المبلغ المستثمر من خلال نهجه إستراتيجية ذكية؛ إذ يستثمر ثلثي الأرباح ويكتفي بثلث يقوم بتحويله إلى حسابه البنكي بهدف الإسراع في تحصيل المبلغ الإجمالي المستثمر وضمانه.
المتحدث ذاته أضاف أن بعض شركات التسويق الشبكي تبيع الوهم للمساهمين فيها، وذلك عبر مخاطبة لاوعي الراغبين في الربح السريع، وغالبيتهم من الطبقة الباحثة عن مستوى أفضل في وقت وجيز، معتبرا أن الخطأ الذي يرتكبه المستثمرون المبتدئون هو الرغبة في الربح عبر استثمار كل الأرباح دون التفكير في توفير قسط منها لضمان رأس المال المبدئي.
أما إلياس لمرابط فأقر بوقوعه ضحية نصب خلال تجربتين فاشلتين لشركتين إلكترونيتين رغم توفره على عقد ممضي إلكترونيا يربطه بشركة. الشاب قال إن الشركة المهتمة بالإشهار تَعِد المساهمين فيها بساعة من المكالمة الهاتفية و100 درهم كربح عن كل شخص جديد يدخل ضمن سلسلته، غير أنه لم يحصل على أي من هذه الوعود. إلياس أضاف أن زيارة ميدانية قادته إلى مكتب الشركة المفترض بمدينة الدار البيضاء للاستفسار عن ضياع رأسماله وتبدد الوعود، كشفت له أن العنوان المتخذ مقرا للشركة غير موجود بالمرة، "وقتها فقط علمت أنني وقعت في الفخ"، يقول لمرابط.
وتعليقا على الموضوع من الوجهة القانونية، قال عبد الحق مجدوبي، محام بهيئة الرباط، إن القانون المغربي جرم عمليات التسويق الهرمي من خلال القانون 31.08 المنظم لتدابير حماية المستهلك. وأضاف أن المادة 53 تمنع البيع بشكل هرمي أو بأية طريقة مماثلة، سواء بعرض منتجات أو سلع أو خدمات على المستهلك مع إغرائه بالحصول على منتجات وخدمات بشكل مجاني أو بسعر يقل عن قيمتها الحقيقية، وبتعليق البيع على توظيف سندات أو على جمع اشتراكات أو تقييدات.
مجدوبي أوضح أن البيع أو تقديم خدمات بشكل هرمي يرغم المستهلكين على جمع اشتراكات، وتقييد نفسه في قائمة، مع إغرائه بالحصول على مكاسب مالية ناتجة عن تزايد هندسي لعدد الأشخاص المشتركين أو المقيدين.
وشدد المحامي ذاته على أن القانون يعاقب على هذه المخالفات بأحكام بالحبس وبالغرامة، مع إمكانية الحكم على مرتكبي المخالفة بإرجاع المبالغ التي تم دفعها من قبل الزبناء غير الراضين. كما يمكن للمحكمة أن تأمر بتعليق حكمها أو نشره على نفقة المحكوم عليه بالكيفية التي تقررها.
وختم المحامي بهيئة الرباط بأن العقد الممضي إلكترونيا يعوض العقد المكتوب شريطة استيفائه للشروط، كمطابقة التوقيع للإمضاء بخط اليد، وغيرها من أركان العقود والالتزامات.